دور المرأه فى الدعوه

هو واجب المراة في الدعوة اليوم؟ ما هي اولوياتها؟ هل عليها أن تجلي في البيت أم أن تدخل المجتمع من بوابة الدين والمعرفة؟ هل من الأفضل أن تعتني بصغارها؟ أم أن دورها في المجتمع يتيح لها أن تعوّض عن كمية الوقت بنوعيته؟
إن كانوا يقولون أن المرأة نصف المجتمع، فهي بنظري ثلاثة أرباع المجتمع كونه يقع على عاتقها تربية الأطفال الذي سيشكلون عماد المستقبل. ما هو واجب المرأة اليوم؟ هل هو ملازمة البيت أم الخروج للعمل والدعوة؟
دور المرأة في المجتمع
كما أوضحنا عدة مرات دور الرجل الرئيسي في الدنيا هو أن يضرب في الأرض ودور المرأة أن تكون سكناً لزوجها ولأطفالها. هذا هو الدور الأساسي الذي خلقت لأجله والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعتيه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ". ولا يجب على المرأة أن تخجل من هذا الدور فهو دور عظيم فإن كان الرجل يتعامل مع الآلات والحواسيب والسيارات فهي تتعامل مع ما هو أهم من هذه الأمور.. مع الجيل القادم.. جيل النصر وجيل صلاح الدين. ولقد سمعت قولاً أعجبني من امام أحد المساجد.. "لماذا يعتبر الغرب المرأة مسجونة إذا لازمت منزلها؟ هل يعتبر الحلاق أسير دكانه أو مضيف الطيران أسير الطائرة؟ ألا ينحصر كل إنسان ضمن مجال حيوي يعمل فيه؟"
وهنا علي أن أوضح نقطة مهمة ألا وهي أن اعتبارنا رعاية البيت كمهمة أولى للمراة لا ينفي عنها إمكانية الخروج منه. حينما يقول رب العالمين: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}الأحزاب33، فالمفهوم منها هو أن يكون البيت قراراً للمرأة ومستقراً لها.. فلها أن تخرج منه وتعمل في الخارج في عمل يليق بأنوثتها وعفتها أو ضمن نشاطات اجتماعية أو علمية ولكن تبقى الأسرة هي المقر الأول.
إن حبس النساء في البيوت من التقاليد البالية الي لا تمت الى الإسلام بصلة. بل كان عقوبة للنساء اللواتي يرتكبن الفاحشة بنص القرآن : {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }النساء15. لقد بلغ بعض الرجال من التزمّت مقداراً يتبجّح فيه بأن أمه لم تخرج من بيتها إلا مرتين مرة من بيت أبيها إلى بيت زوجها ومرة من بيتها إلى القبر وهذا فهم سقيم للآية موضع النقاش. تناقضه أفعال الصحابيات اللواتي شاركن في الحج و الحروب والتمريض وتعلم علم الدين والفقه...
وعلى ذكر علم الدين.. إن في حبس النساء في البيوت جريمة كبرى بحقهن خاصة إذا حرمن من حلقات الدين. لا أعرف لم يستهتر الرجل بتعليم زوجته الدين إما بنفسه أو عبر إرسالها إلى المسجد؟ ألم نسمع الحديث الذي يقول "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " مع أنه مأمور بتعليمها وأطفاله علم الدين حسب قول القرآن ومحاسب على أي تقصير. يقول الحق تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6.
كيف للمرأة أن تعلم أطفالها الدين وتصحح معلوماتهم إن لم تكن هي متعلمة؟ كيف لها أن تفعل ذلك ونحن نعلم أن فاقد الشيء لا يعطيه. والمعلومات الغثة التي تاتي من وراء الفضائيات غير كافية البتة إذ يكتفي الداعي أو المفتي فيها بإعطاء الجواب بدون إعطاء أدنى فكرة عن الأدلة التي ساقته إلى هذا الجواب. إن العلم بدون مذاكرة وأسئلة و امتحانات ليس علما بل مجرد معلومات طيارة تدخل من أذن وتخرج من أخرى.
يؤسفني أن كثيرا من رجال اليوم يهتمون بأن تكون زوجاتهم محجبات عابدات ولا يهمهم أن يتحصلن على الأقل على القدر الكافي من علوم الدين. على المرأة يا أخوة أن تتعلم أمور العقيدة الأساسية و أحكام الطهارة إذ لا تنفع العبادة مع الجهل بالعقيدة ولا تصح العبادة بدون تطبيق أركانها. أنا لا أقول أن رجال اليوم أفضل من النساء من ناحية علم الدين ولكن يبقى أن حضورهم خطب الجمعة يعطيهم المعلومات البديهية التي يجهلها كثير من النساء لذلك أعود وأشدد مرة أخرى على دور المسجد وحلقات العلم.
وفي عودة إلى محور السؤال، أي دور المراة في المجتمع، أحب أن أنوّه أن المراة كثيرا ما تشعر أنها مغبونة إذا استأثر الرجال بالأمور المهمة في المجتمع كالقوامة والعمل في الخارج والجهاد لكنها تنسى للأسف أن تأثيرها غير المباشر هو أقوى بكثير مما يبدو لأول وهلة. ألم يقل نابوليون أن الأم التي تهز مهد ابنها بيسارها تهز العالم بيمينها فالأم هي التي تربى القادة والعظماء. والزوجة كذلك لها دور مهم حينما تمنح زوجها السكن والاستقرار والإحساس بالأمان ليستطيع أن يبدع وينتج في مجال عمله.
حسن التبعُّل للزوج
إن الرجل على رغم خشونته الظاهرة طفل صغير بإمكان المرأة أن تقولبه على هواها إذا عرفت نقطة ضعفه فبإمكانها أن ترفعه الى مراتب العظماء وبامكانها ان تدمره نفسيا. على سبيل المثال كثير من رجالنا اليوم يركض وراء لقمة العيش ليطعم اطفاله وزوجته وليهيأ لهم من الكماليات ما لا يعد ولا يحصى لا بل انه يشغل باله حتى في تأمين دراستهم الجامعة في أرقى الجامعات أوفي تزويجهم وشراء مسكن لهم. وهذا ليس شيئا سيئا لكن متى يجد الوقت كي يجلس مع افراد اسرته؟ ومتى يستمتع بهذه الكماليات التي اقتناها؟ ان بحثنا عن سبب هذا التشوه الفكري سنجده في المثل الفرنسي" فتش عن المراة" ذلك ان نساء ليوم تنظر الى ما عند جارتها وتصر على زوجها اريد مثل هذا .. اريدك ان تخلق لي ثمنه من تحت طقاطيق الارض. أين هؤلاء من نساء السلف اللواتي كانت تقول "اتق الله فينا ولا تطعمنا من حرام" شتان ما بين هذه وتلك. من منا يستطيع ان ينسى دور سيدتنا خديجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لقد جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم من الغار خائفا فزعا فقالت رضي الله عنها "كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق ". لقد طمأنته وتعاملت معه كالام الرؤوم .. من من نسائنا يستطيع ان يمثل هذا الدور اليوم؟ نعم ان الرجل يحب ان تحترمه المراة احترام الاب ولكن في اوقات الضعف والمرض فهو قد يصبح هشا كعملاق من ورق ويريد بالتالي اما حانية تعامله كطفل صغير ولكن بذكاء وحنكة بحيث لا تشعره ابدا انه هكذا. بل حتى في فترات ضعفه يجب ان تكون معاملتها له وكأنه السيد والمعلم، قالت امرأة التابعي الجليل سعيد بن المسيّب: ما كنا نكلم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم، أصلحك الله، عافاك الله!!
" كذلك نحن نعلم أن أكبر رادع للرجل عن الجهاد هو احتياج أهله إليه فكم هي رائعة تلك المرأة التي تحث زوجها أو ابنها على الجهاد؟؟ من يشك بأن ما تقوم به أصعب من الجهاد نفسه فالمرء يتقبل أن يموت ولكن لا يستطيع أن يتقبل بسهولة فقدان أعز الناس اليه؟ وإن كان ما أطلبه صعبا على بعض النسوة فليشجعن أزواجهن على الاقل على بذل المال والوقت في سبيل الصدقة والدعوة والجهاد...
دور الأم
هذا من حيث حسن التبعل أما من حيث دور الأم مع الاطفال فنحن ننصح بأن تلازم المراة أطفالها على الأقل في السنين الأولى من طفولتهم ولا تتركهم للخادمة. وبإمكانها دوما أن تنتهز فرصة غيابهم في المدارس كي تقوم بأعمالها الاجتماعية أو بالعمل في دوام جزئي إن كانت الحالة المادية تفرض عليها ذلك. وأعجب ما أعجب من امراة تعمل لتضع معاشها على مصروف الخادمة واكسسوارات العمل وطرق المواصلات فأي فائدة تجني من هذا سوى تفكك الاسرة؟ ولمزيد من الفائدة ننصح الاخوات باستبدال الصبحيات التي تقوم على الثرثرة والغيبة والنميمة بحلقات دين وذكر وعلم وثقافة فهذا هو الدور الأكبر للنساء في الدعوة.. تبادل المعلومات النافعة و المفيدة.. خاصة وأن كثيرا من أمور الدين لا يحسن أن يعلمها الرجال للنساء.