إذا واصلت النفس في رحلتها في الخير وأعمال البر والإحسان وأصبح هذا الحال ظاهرها وباطنها... فكرها وعملها... واستقرت في مقام السكينة فلا ترى غير الفضيلة مبدأ ولا تختار غير الخير بديلا فأمنها مع الحق، وأملها فيه تعالى وهنا تسمى بفضل الله - النفس المطمئنة.
والنفس المطمئنة تمتاز بالسكينة والتواضع والإيثار والرضا والصبر على الابتلاء والتوكل وإسقاط التدبير مع الله، فلا خوف ولا اضطراب ولا قلق ولا ضياع ولا ضجر، دائما رضا في الله وأمل في الله.
كما أن النفس المطمئنة تسير بمقتضى الإيمان، إلى التوحيد، والإحسان، والبر، والتقوى، والصبر، والتوكل، والتوبة، والإنابة، والإقبال على الله وقصر الأمل واستعداد للموت وما بعد الموت ويقول الله تعالى في كتابه العزيز في شأنها:
{ يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي، وادخلي جنتي) } ( الفجر: 27-30)
وهناك صراع بين النفس الأمارة والنفس المطمئنة في الإنسان، فأصعب شيء على النفس المطمئنة أن تتخلص من براثن الشيطان، ومن هوى النفس الأمارة، فلو علمت النفس المطمئنة أن عملها في طاعة الله لنجت من العذاب والعقاب، ولكن النفس الأمارة والشيطان يقفا لها بالمرصاد، فلا يدعا لها عملا واحدا من أعمال الخير والطاعة يصل إلى الله تعالى، ولذلك يقول بعض العارفين: "أن عملاً لي واحدا، خالصا لله، إذا وصل إليه تعالى، لكنت أفرح بالموت كفرح الغائب الذي يعود إلى أهله ".
ويقول في ذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
" لو أعلم أن الله تقبل منى سجدة واحدة، فلا شيء أحب لي من الموت " وإذا وصلت النفس إلى هذا المقام.. أي مقام النفس المطمئنة، وجاهدت فإنها ترقى إلى مقام النفس الراضية، ثم المرضية، ثم الكاملة وهى مراتب ومنازل نفوس الأنبياء والأولياء الصالحين أصحاب الدرجات العليا.